30 Jan 2008

Life is a Hieroglyph

by: Ellia Abu Madi


جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود
هل أنا حرّ طليق أم أسير في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنّى أنّني أدري ولكن...
لست أدري!
وطريقي، ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور
أأنا السّائر في الدّرب أم الدّرب يسير
أم كلاّنا واقف والدّهر يجري؟
لست أدري!
ليت شعري وأنا عالم الغيب الأمين
أتراني كنت أدري أنّني فيه دفين
وبأنّي سوف أبدو وبأنّي سأكون
أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟
لست أدري!
أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويّا
أتراني كنت محوا أم تراني كنت شيّا
ألهذا اللّغو حلّ أم سيبقى أبديّا
لست أدري... ولماذا لست أدري؟
لست أدري!
البحر:
قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر منكا؟
هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟
أم ترى ما زعموا زوار وبهتانا وإفكا؟
ضحكت أمواجه مني وقالت:
لست أدري!
أيّها البحر، أتدري كم مضت ألف عليكا
وهل الشّاطىء يدري أنّه جاث لديكا
وهل الأنهار تدري أنّها منك إليكا
ما الذّي الأمواج قالت حين ثارت؟
لست أدري!
أنت يا بحر أسير آه ما أعظم أسرك
أنت مثلي أيّها الجبار لا تملك أمرك
أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك
فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟ ..
لست أدري!
ترسل السّحب فتسقي أرضنا والشّجرا
قد أكلناك وقلنا قد أكلنا الثّمرا
وشربناك وقلنا قد شربنا المطرا
أصواب ما زعمنا أم ضلال؟
لست أدري!
قد سألت السّحب في الآفاق هل تذكر رملك
وسألت الشّجر المورق هل يعرف فضلك
وسألت الدّر في الأعناق هل تذكر أصلك
وكأنّي خلتها قالت جميعا:
لست أدري!
برفض الموج وفي قاعك حرب لن تزولا
تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولا
قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميلا
ليت شعري أنت مهد أم ضريح؟..
لست أدري!
كم فتاة مثل ليلى وفتى كأبن الملوح
أنفقا السّاعات في الشّاطىء ، تشكو وهو يشرح
كلّما حدّث أصغت وإذا قالت ترنّح
أخفيف الموج سرّ ضيّعاه؟..
لست أدري!
كم ملوك ضربوا حولك في اللّيل القبابا
طلع الصّبح ولكن لم نجد إلاّ الضّبابا
ألهم يا بحر يوما رجعة أم لا مآبا
أم هم في الرّمل ؟ قال الرّمل إني...
لست أدري!
إنّ في صدري، يا بحر لأسرار عجابا
نزل السّتر عليها وأنا كنت الحجابا
ولذا أزداد بعدا كلّما أزددت اقترابا
وأراني كلّما أوشكت أدري...
لست أدري!
إنّني ،يا بحر، بحر شاطئاه شاطئاكا
الغد المجهول والأمس اللّذان اكتنفاكا
وكلانا قطرة ، يا بحر، في هذا وذاك
لا تسلني ما غد، ما أمس؟.. إني...
لست أدري!
الدير:
قيل لي فيالدّير قوم أدركوا سرّ الحياة
غير أنّي لم أجد غير عقول آسنات
وقلوب بليت فيها المنى فهي رفات
ما أنا أعمى فهل غيري أعمى؟..
لست أدري!
قيل أدري النّاس بالأسرار سكّان الصوامع
قلت إن صحّ الذي قالوا السرّ شائع
عجبا كيف ترى الشّمس عيون في البراقع
والتي لم تتبرقع لا تراها؟..
لست أدري!
إن تك العزلة نسكا وتقى فالذّئب راهب
وعرين اللّيث دير حبّه فرض وواجب
ليت شعري أيميت النّسك أم يحيي المواهب
كيف يمحو النّسك إثما وهو إثم؟..
لست أدري!
قد دخلت الدّير عند الفجر كالفجر الطّروب
وتركت الدّير عند اللّيل كاللّيل الغضوب
كان في نفسي كرب، صار في نفسي كروب
أمن الدّير أم اللّيل اكتئابي؟
لست أدري!
قد دخلت الدّير استنطق فيه الناسكينا
فإذا القوم من الحيرة مثلي باهتونا
غلب اليأس عليهم ، فهم مستسلمونا
وإذا بالباب مكتوب عليه...
لست أدري!
عجبا للنّاسك القانت وهو اللّوذعي
هجر النّاس وفيهم كلّ حسن المبدع
وغدا يبحث عنه المكان البلقع
أرأى في القفر ماء أم سرابا؟..
لست أدري!
كم تمارى ، أيّها النّاسك، في الحق الصّريح
لو أراد اللّه أن لا تشق الشّيء المليح
كان إذ سوّاك بلا عقل وروح
فالّذي تفعل إثم ... قال إني ...
لست أدري!
أيّها الهارب إنّ العار في هذا الفرار
لا صلاح في الّذي تفعل حتّى للقفار
أنت جان أيّ جان ، قاتل في غير ثار
أفيرضى اللّه عن هذا ويعفو ؟..
لست أدري!
بين المقابر:
ولقد قلت لنفسي، وأنا بين المقابر
هل رأيت الأمن والرّاحة إلاّ في الحفائر؟
فأشارت : فإذا للدّود عيث في المحاجر
ثم قالت :أيّها السّائل إني...
لست أدري!
أنظري كيف تساوى الكلّ في هذا المكان
وتلاشى في بقايا العبد ربّ الصّولجان
والتقى العشق والقالي فما يفترقان
أفبذا منتهى العدل؟ فقالت ...
لست أدري!
إنّ يك الموت قصاصا، أيّ ذنب للطّهاره
وإذا كان ثوابا، أيّ فضل للدعاره
وإذا كان يوما وما فيه جزاء أو جساره
فلم الأسماء إثم أو صلاح؟.. لست أدري!
أيّها القبر تكلّم، واخبرني يا رمام
هل طوى أحلامك الموت وهل مات الغرام
من هو المائت من عام ومن مليون عام
أبصير الوقت في الأرماس محوا؟..
لست أدري!
إن يك الموت رقادا بعده صحو طويل
فلماذا ليس يبقى صحونا هذا الجميل؟
ولماذا المرء لا يدري متى وقت الرّحيل؟
ومتى ينكشف السّرّ فيدري؟..
لست أدري!
إن يك الموت هجوعا يملأ النّفس سلاما
وانعتاقا لا اعتقالا وابتدا لا ختاما
فلماذا أعشق النّوم ولا أهوى الحماما
ولماذا تجزع الأرواح منه؟..
لست أدري!
أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور
فحياة فخلود أم فتاء ودثور
أكلام النّاس صدق أم كلام الناس زور
أصحيح أنّ بعض الناس يدري؟..
لست أدري!
إن أكن أبعث بعد الموت جثمانا وعقلا
أترى أبعث بعضا أم ترى أبعث كلاّ
أترى أبعث طفلا أم ترى أبعث كهلا
ثمّ هل أعرف بعد الموت ذاتي؟..
لست أدري!
يا صديقي، لا تعللّني بتمزيق السّتور
بعدما أقضي فعقلي لا يبالي بالقشور
إن أكن في حالة الإدراك لا أدري مصيري
كيف أدري بعدما أفقد رشدي...
لست أدري!
القصر والكوخ:
ولقد أبصرت قصرا شاهقا عالي القباب
قلت ما شادك من شادك إلاّ للخراب
أنت جزء منه لكن لست تدري كيف غاب
وهو لا يعلم ما تحوي؛ أيدري؟..
لست أدري!
يا مثالا كان وهما قبلما شاء البناة
أنت فكر من دماغ غيّبته الظلمات
أنت أمنية قلب أكلته الحشرات
أنت بانيك الّذي شادك لا ... لا...
لست أدري!
كم قصور خالها الباني ستبقى وتدوم
ثابتات كالرّواسي خالدات كالنّجوم
سحب الدّهر عليها ذيله فهي رسوم
مالنا نبني وما نبني لهدم؟..
لست أدري!
لم أجد في القصر شيئا ليس في الكوخ المهين
أنا في هذا وهذا عبد شك ويقين
وسجين الخالدين اللّيل والصّبح المبين
هل أنا في القصر أم في الكوخ أرقى؟
لست أدري!
ليس في الكوخ ولا في القصر من نفسي مهرب
أنّني أرجو وأخشى، إنّني أرضى وأغضب
كان ثوبي من حرير مذهب أو كان قنّب
فلماذا يتمنّى الثوب عاري؟..
لست أدري!
سائل الفجر: أعند الفجر طين ورخام؟
واسأل القصر ألا يخفيه، كالكوخ، الظّلام
واسأل الأنجم والرّيح وسل صوب الغمام
أترى الشّيء كما نحن نراه؟..
لست أدري!
الفكر:
ربّ فكر لاح في لوحة نفسي وتجلّى
خلته منّي ولكن لم يقم حتّى تولّى
مثل طيف لاح في بئر قليلا واضمحّلا
كيف وافى ولماذا فرّ منّي؟
لست أدري!
أتراه سابحا في الأرض من نفس لأخرى
رابه مني أمر فأبى أن يستقرّا
أم تراه سرّ في نفسي كما أعبر جسرا
هل رأته قبل نفسي غير نفسي؟
أم تراه بارقا حينا وتوارى
أم تراه كان مثل الطير في سجن فطارا
أم تراه انحلّ كالموجة في نفسي وغارا
فأنا أبحث عنه وهو فيها،
لست أدري!
صراع وعراك:
إنّني أشهد في نفسي صراعا وعراكا
وأرى ذاتي شيطانا وأحيانا ملاكا
هل أنا شخصان يأبى هذا مع ذاك اشتراكا
أم تراني واهما فيما أراه؟
لست أدري!
بينما قلبي يحكي في الضّحى إحدى الخمائل
فيه أزهار وأطيار تغني وجداول
أقبل العصر فأسى موحشا كالقفر قاحل
كيف صار القلب روضا ثمّ قفرا؟
لست أدري1
أين ضحكي وبكائي وأنا طفل صغير
أين جهلي ومراحي وأنا غضّ غرير
أين أحلامي وكانت كيفما سرت تسير
كلّها ضاعت ولكن كيف ضاعت؟
لست أدري!
لي إيمان ولكن لا كأيماني ونسكي
إنّني أبكي ولكن لا كما قد كنت أبكي
وأنا أضحك أحيانا ولكن أيّ ضحك
ليت شعري ما الذي بدّل أمري؟
لست أدري!
كلّ يوم لي شأن ، كلّ حين لي شعور
هل أنا اليوم أنا منذ ليال وشهور
أم أنا عند غروب الشمس غيري في البكور
كلّما ساءلت نفسي جاوبتني:
لست أدري!
ربّ أمر كنت لّما كان عندي أتّقيه
بتّ لّما غاب عنّي وتوارى أشتهيه
ما الّذي حبّبه عندي وما بغّضنيه
أأنا الشّخص الّذي أعرض عنه؟
لست أدري!
ربّ شخص عشت معه زمناألهو وأمرح
أو مكان مرّ دهر لي مسرى ومسرح
لاح لي في البعد أجلى منه في القرب وأوضح
كيف يبقى رسم شيء قد توارى؟
لست أدري!
إنّ هذا الغيث يهمي حين يهمي
ويكون السّمّ في العطر الّذي يملأ أنفي
إنّما الورد هو الأفضل في شرعي وعرفي
وهو شرع كلّه ظلم ولكن ...
لست أدري!
قد رأيت الشّهب لا تدري لماذا تشرق
ورأيت السّحب لا تدري لماذا تغدق
ورأيت الغاب لا تدري لماذا تورق
فلماذا كلّها في الجهل مثلي ؟
لست أدري!
كلّما أيقنت أني قد أمطت السّتر عني
وبلغت السّر سرّي ضحكت نفسي مني
قد وجدت اليأس والحيرة لكن لم أجدني
فهل الجهل نعيم أم جحيم؟
لست أدري!
لذة عندي أن أسمع تغريد البلابل
وحفيف الورق الأخضر أو همس الجداول
وأرى الأنجم في الظلّماء تبدو كالمشاعل
أترى منها أم اللّذة منّي...
لست أدري!
أتراني كنت يوما نغما في وتر
أم تراني كنت قبلا موجة في نهر
أم تراني كنت في إحدى النّجوم الزّهر
أم أريجا ، أم حفيفا ، أم نسما؟
لست أدري!
فيّ مثل البحر أصداف ورمل ولآل
في كالأرض مروج وسفوح وجبال
فيّ كالجو نجوم وغيوم وظلال
هل أنا بحر وأرض وسماء؟
لست أدري!
من شرابي الشّهد والخمرة والماء الزّلال
من طعامي البقل والأثمارواللّحم الحلال
كم كيان قد تلاشى في كياني واستحال
كم كيان فيه شيء من كياني؟
لست أدري!
قد رأيت النّمل يسعى مثلما أسعى لرزقي
وله في العيش أوطار وحق مثل حقي
قد تساوى صمته في نظر الدّهر ونطقي
فكلانا صائر يوما إلى ما ...
لست أدري!
غلط القائل إنّ الخمر بنت الخابيه
فهي قبل الزق كانت في عروق الدّاليه
وحواها قبل رحن الكرم رحم الغاديه
إنّما من قبل هذا أين كانت؟
لست أدري!
هي في رأي فكر ، وهي في عينّي نور
وهي في صدري آمال ، فوفي قلبي شعور
وهي في جسمي دم يسري فيه ويمور
إنّما من قبل هذا كيف كانت؟
لست أدري
أنا لا أذكر شيئا من حياتي الماضية
أنا لا أعرف شيئا من ياتي الآتيه
لي ذات غير أني لست لأدري ما هيه
فمتى تعرف ذاتي كنه ذاتي؟
لست أدري!
إنّني جئت وأمضي وأنا لا أعلم
أنا لغز ... وذهابي كمجيتي طلسم
والّذي أوجد هذا اللّغز لغز منهم
لا تجادل ذا الحجا من قال إنّي ...
لست أدري!

this poem by Ellia Abu Madi helped me to accept that "I dont know" is the knowing itself.
helped me through one of the worst yet greatest period of my life...
when I felt the most vulnerable cause I didnt know
when I kept myself locked in my room, surrounded by tens of books to realize him
looking for him... searching every word... sleepless nights trying to connect with him.
a friend sent me this poem...

and it helped me realize that it is unrealizable and making your own theory is the best way to realize it your own way.

I know few people will understand what I mean, those few went through this all...

5 comments:

Anonymous said...

I don't know if what I went through two years ago is equal, but back then, also buried under piles of rotten books, I figured that in order to "realize" the light, you have to experience darkness, in order to realize innocence you have to go through adultery and adulthood.. And of course, to realize that you know sums up in the fact the you admit your inability of senses to "actually" know. In short, you have to know the "other" in order to know the "one", absolute binaries. It was the same stage of life when I discovered the random sequences of life, and then wondered how much sense is there in living, bas 3adee, because I knew death was least senseless, I pretended that i never knew these sequences and thus continued living.
I hope your flue is better now.

Ayman Haykal said...

Wonderful poetry. This poem is one of my favorites. Certain parts send shivers down my spine.

Dania said...

Sol,
You described it well… admitting the inability of senses to actually know, it is the (0,0) spot that can lead you, and yet it is never easy to reach this (0,0)
My flu vanished within 3 days, with all those drugs it couldn’t hold on more, I know it is unhealthy but at this time cant bear with a week in bed!

Ayman,
It does the same to me…!
I wanted to put it all but it would be too long.
Welcome to my blog ;)

Anonymous said...

مدونة حلوة وموضوع حلو، انا اول مرة بجي هون :) ورح كون زائرة دائمة ان شاء الله

Dania said...

thank you so much yasmine :)